الاستعداد الشخصي قبل التخصص !

لا ننكر بأن التأهيل العلمي والعملي من أهم العمليات التي تهيء الاختصاصيين الاجتماعيين لكن …. من خلال خبرتي الطويلة وتعاملي مع الكثير من الزميلات والزملاء تولدت لدي قناعة بأن الاستعداد والرغبة تغلّبت في بعض الأحيان على الشهادة والتخصص، فالشخص القابل للتعلم والذي لديه الاستعداد الكامل إن تم تأهيله وتدريبه بشكل جيد فقد يتفوق وبشكل كبير على شخص متخصص حتى وإن كان يحمل شهادة عليا في مجال الخدمة الاجتماعية.
أكتب لكم هذا المقال وأنا أعلم بأن المؤهل العلمي مهم جداً والتخصص أهم لكن التفاوت الكبير في قدرات الأخصائيين الاجتماعيين ساهم في بروز مختصين على حساب آخرين وهذا كان بسبب الاستعداد الشخصي والقدرة على التعليم والتطوير والرغبة في إحداث التغيير إضافة إلى المهارات الشخصية وهي سمات يجب أن تتوفر في كل أخصائي اجتماعي.

قبل سنوات كنت أتناقش مع المغردين في تويتر عن الخدمة الاجتماعية و علم الاجتماع، وأن خريج الخدمة الاجتماعية أكثر اتقاناً للمهارات والمعارف المتعلق بالأساليب العلاجية بسبب نوعية المواد التي يدرسها خريج الخدمة الاجتماعية، وكنت أقول بأننا لو قارنا بين مختصيْن متكافئيْن في جميع الصفات أحدهما خريج علم اجتماع والآخر خريج خدمة اجتماعية فسيكون التفوق لصالح خريج الخدمة الاجتماعية وهذا ما بينته أيضاً إحدى الدراسات حول تفوق خريج الخدمة الاجتماعية في التعامل المهني الاحترافي.

وحتى هذا اليوم لم ولن يتغير الرأي العلمي في هذا الموضوع، ولكن الأخصائي الاجتماعي الشغوف أياً كان تخصصه يستطيع التميز بين أقرانه لما يتمتع به من سمات شخصية عالية ستجعل منه أنموذجاً مهنياً يعتمد عليه، فعلى مستوى التعامل مع الحالات نجد الأخصائي الاجتماعي النشط أكثر طلباً من التخصصات الأخرى وأكثر انتاجية من غيره فالتخصصات المختلفة التي نتعامل معها في المستشفيات لا يفرقون بين علم اجتماع وخدمة اجتماعية بل معيارهم الوحيد هو قدرة هذا الأخصائي على احداث التغيير من خلال سرعة الاستجابة ودقة التدخل المهني.

رسالتي لكل من يرغب في التميز بأن يطور من مهاراته الشخصية ويثبت لنفسه قبل الآخرين بأنه شخص يُعتمد عليه، لأن النتيجة ستكون مبهرة مع الفريق المعالج والمرضى وأسرهم وليكن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حافزاً لنا، فعن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما: أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.