تجربة المريض و الخدمة الاجتماعية ؟

منذ عام 1430 للهجرة وفي عهد وزير الصحة الأسبق الدكتور عبدالله الربيعة تعرفنا على إدارة جديدة قامت على أدوار كان يقوم بها الأخصائيون الاجتماعيون بأقسام الخدمة الاجتماعية بالمستشفيات، وفي تلك الفترة كان هناك الكثير من الخلط في العمل بين إداراة حقوق وعلاقات المرضى وقسم الخدمة الاجتماعية، وعام بعد عام بدأت تتلاشى ملامح الاختلاف بينهما ووصلنا إلى نقطة إيجابية بأن قسم الخدمة الاجتماعية كقسم فني سيتفرغ للمرضى وأسرهم والتحديات الاجتماعية التي تواجههم من حيث العمل العلاجي المحترف في حين ستكون إدارة حقوق وعلاقات المرضى مسئولة عن كافة المشكلات الإدارية التي تواجه المرضى وأسرهم.

و قفزت إدارة حقوق وعلاقات المرضى قفزات كبيرة وأصبح لها إسم وحضور قوي وذا تأثير إيجابي في مساعدة المستشفيات على اكتشاف وتنفيذ الكثير من المشاريع التحسينية، واستمر تطور هذه الإدارة ليواكب التطورات العالمية من حيث الاهتمام بتحسين تجربة المريض وهو المسمى الذي تم اطلاقه مؤخراً عليها ليؤكد تبنيها للجانب التطويري لوزارة الصحة ومساعدتها على رصد أفضل التجارب، ومما زاد هذه الإدارات قوة ارتباطها المباشر بمدير المستشفى بالهيكل التنظيمي للمستشفيات وترتبط مباشرة بمدير عام الشؤون الصحية للمديريات.

ومع تطور أغلب الأقسام والاهتمام بالمؤشرات وجودة الأداء إلا أن بعض أقسام الخدمة الاجتماعية مازالت تحبو في خطواتها بل مازالت في نفق إثبات الدور و الذات، و مازال بعض الممارسين يتخبط في ممارسته والبعض شعر بالإحباط والغالبية مازال مستمراً في عطاءه وإخلاصه.

أعلم يقيناً بأن هناك جنوداً مقاتلين للدفاع عن أقسام الخدمة الاجتماعية سواءً في مقر الوزارة أو المديريات أو المستشفيات وأعلم أكثر برغبتهم في أن تبرز أقسام الخدمة الاجتماعية ولكن التمني قد لا يحقق واقعاً أفضل في ظل الكثير من الظروف المحيطة بأقسام الخدمة الاجتماعية، وهذه الظروف تعود لأشخاص وكيانات لم يقدموا لتخصص الخدمة الاجتماعية وممارسيه أي جديد سوى الآراء النظرية والحلول السطحية مما ساهم في نفور البعض واكتفاء الآخرين بالمشاهدة.

والآن أعود لإدارة تجربة المريض، هذه الإدارة التي كنت أقاتل لكي لا يتم تكليف الأخصائيين الاجتماعيين بها وكنت أرفع الطلبات وأجري الاتصالات لوقف هذا الهدر كما كنت أراه، واليوم وبعد شهرين تقريباً من العمل في هذه الإدارة وجدت بأنها قد لبت جميع طموحاتي (كموظف حكومي) ووفرت لي البيئة العملية التي كنت أبحث عنها شخصياً ووجدت بها لذة الإنجاز و شغف العمل لخدمة الآخرين وتكوين علاقات ممتازة مع كافة الممارسين بالمستشفى، أقولها وبكل تجرد ” لقد وجدت نفسي في هذه الإدارة نظراً لطبيعة الدور الإنساني الذي تقدمه للمرضى وأسرهم” وازددت يقيناً بأن الموظف الذي سيعمل بهذه الإدارة يجب أن تتوفر لديه روح المبادرة والشعور بالمسئولية تجاه الآخرين حتى يكون إنجازه ملهماً.

هذه المقالة ليست ردة فعل لخروجي من قسم الخدمة الاجتماعية بل هي تلخيص لواقع نعيشه نحن الممارسين في الميدان، واقع ألزمنا بالابتعاد عن التخصص خلال هذه الفترة وقد يمتد الابتعاد لأطول فترة ممكنة، لذا أتمنى أن يلتفت المسئولين وأصحاب القرار إلى أقسام الخدمة الاجتماعية بل وأتمنى أن نرى جولات مفاجئة من الزملاء بالوزارة للأقسام بالمستشفيات للاطلاع عن كثب ومعايشة واقع أقسام الخدمة الاجتماعية كما نشاهد الإدارات الأخرى عند زيارتها لأقسامها بالمستشفيات، أعان الله الزملاء الكرام بالوزارة وأعان مسئولي وحدات الخدمة الاجتماعية بالمديريات لأداء المطلوب والمأمول منهم.

عبدالله بن عبدالعزيز الحجاجي
أخصائي اجتماعي
إدارة تجربة المريض بمستشفى شرق جدة